من هو الحاجب المنصور

من هو الحاجب المنصور

تتمثل في أنه واحد من القادة العسكريين والسياسيين الذين عُرفوا على نطاق واسع، وذلك في فترة الخلافة الأموية بالأندلس، وحينها كان حاجبًا للخليفة هشام بن الحكم، لكنه في واقع الأمر كان حاكم فعلي للدولة.

نسب الحاجب المنصور هو: أبو عامر محمد بن أبي حفص عبد الله بن محمد بن عبد الله بن عامر بن أبي عامر محمد بن الوليد بن يزيد بن عبد الملك المعافري، وعُرف باسم محمد بن أبي عامر، واشتهر بـ “الحاجب المنصور”.

نبذة عن حياة الحاجب المنصور

• كانت ولادة الحاجب المنصور في سنة 939 ميلادية بالجزيرة الخضراء، وتعتبر عائلته من العائلات العريقة التي ترجع إلى أصول يمنية، وكان أبوه ورعًا وتقيًا.
• انتقل محمد بن أبي عامر خلال مرحلة شبابه إلى مدينة قرطبة بهدف الدراسة والتعلّم لأبواب الفقه والحديث، وتفوّق على أقرانه بالمسجد الجامع بدراسته الحديث لدى أبي بكر بن معاوية القرشي (راوي النسائي).
• فضلًا عن دراسته الأدب لدى أبي علي البغدادي، وعندما توفي والده خلال العودة من الحج ترك الحاجب المنصور دراسته، ثم ابتدأ بممارسة مهنة كاتب العدل وافتتح دكانًا بجانب قصر الخليفة ومسجد قرطبة لكتابة العرائض والرسائل التي يطلبها ذوي المصالح، ويتمتع بعباراته الجزلة وأسلوب كتابته المميز.
• والدة الحاجب المنصور هي بُريهة بنت يحيى بن زكرياء التميمي، وكانت من أهل بيت أشراف قرطبة الذين أطلق عليهم مسمّى بني برطال، وجده لأمّه هو يحيى بن إسحاق الذي كان وزيرًا وطبيبًا للخليفة عبد الرحمن الناصر لدين الله، بينما جدّه عبدالملك المعافري كان داخلًا في الأندلس مع طارق بن زياد وحصل على مكافأة الأداء الممتاز بفتح كارتيا.
• والتي كانت مزرهة في طرش قريبة لمصبّ نهر جواديارو، فكانت أسرة الحاجب المنصور إذًا متواضعة وذات نمط ريفي وحالها متوسط.

تدرج الحاجب المنصور في الحكم

كان الحاجب المصحفي حاجب الخليفة الحكم المستنصر قد أُعجب بمحمد بن أبي عامر كاتب العدل، فقام بترشيحه نعد الخليفة حتى يأخذ منصب الوكيل لابنه عبد الرحمن، وبعد أن وافق الخليفة على هذا الأمر ثم وافقت زوجته صبح البشكنجية قام بتوليته خطّة المواريث، وانتقل فيما بعد إلى منصب القاضي في عدة مناطق هي لبلة وإشبيلية وما تبعهما، وبعد أن توفي عبد الرحمن في صغره ظلّ يخدم زوجة الخليفة، إلى أن أنجبت هشام فأصبح وكيلًا له.

ثم تم تعيين الخليفة على الشرطة الوسطى، وخلال تلك المدة كان زواج الحاجب من أخت رئيس حرس الخليفة، وتم تعيينه رئيسًا لدار السكة، ثم عُيّن قائدًا للشرطة في أواخر حياة الخليفة، وهو منصب يترتب بعد منصب الحاجب المصحفي، ثم بعد وفاة الخليفة نال المنصب الأعلى مما هو فيه وأصبح حاجبًا جديدًا.

إنجازات الحاجب المنصور وأهم أعماله

إن للحاجب المنصور الكثير من الأعمال والإنجازات التي زادت من اتساع شهرته، وجعلته ناجحًا في المناصب المختلفة ومؤديًا للمهام التي تم توكيله بها، وترك الأعمال الشاهدة على ذلك، ومنها:

أعمال الحاجب المنصور في الحروب والغزوات

• بعد أن توفي الخليفة الحكم المستنصر تم نقض العهود مع المسلمين من قبل الممالك المسيحية، وقاموا بغزو النطاق الإسلامي من جديد، بالتالي أصاب الحاجب المصحفي التردد في الردّ على اعتدائهم، حينها قام محمد بن أبي عامر منتفضًا بطلب تجهيز الجيش بجنود كُثُر والانطلاق في أولى الغزوات، وقام باستعادة كلّ من ربضة والحامّة ورجع إلى بلاده بالكثير من الغنائم.
• ثم تابع الغزوات نحو قشتالة مما بعث الفرح في قلوب المسلمين، وحينها أعطى الخليفة هشام أمرًا بأن يُعزل الحاجب المصحفي ويتم تعيين محمد بن أبي عامر، وتمكّن من تسيير الأوضاع وضبطها في قرطبة.
• تمكن الحاجب المنصور من إخماد ثورة زيري بن عطية والحسن بن كنون بالمغرب، وقام باستمالة زيري فأدخل ضمن أتباعه، ثم قام الحاجب بمتابعة الحملات والغزوات على المسيحيين، فوصل عدد غزواته إلى خمسين غزوة دون أن يُهزم بها، بل انتصر في كل تلك الغزوات وتمكّن من استعادة الكثير من المدن؛ مثل سمورة، شلمنقة، جليقية، وشقوبية، ولُك، إضافةً إلى بافارا وبرشلونة، وسجّل انتصاره على التحالف ما بين قشتالة وملك ليون.

أعمال الحاجب المنصور في العمران

• تم بناء مدينة الزاهرة من قبل الحاجب المنصور، والتي تخصصت له أولًا عندما تولّى الحُكم ثم حقق الاستقلالية بصورة أكبر وأنفق الكثير من الأموال، وقام ببناء القصر الفخم، كما تواجد اتصال ورابط ما بين مدينتي الزاهرة وقرطبة.
• قام الحاجب المنصور بتوسيع المسجد الجامع في قرطبة من جهة الشرق، وأضاف إليه ما يتجاوز 1400 سارية، كما قام بتجديد قنطرة قرطبة، وقام ببناء قنطرة أخرى مُطلّة على نهر شنيل، ونتيجةً لذلك لوحظ الاتساع بشكل كبير في العهد الذي تولّى به حكم البلاد.

أعمال الحاجب المنصور في الاقتصاد

• تمت ملاحظة التحسّن في الظروف الاقتصادية بالبلاد خلا عهد الحاجب المنصور، وهو ما يدل على إنجازاته وانعكاس التحسّن الاقتصادي على التحسّن بكافة النواحي.

وفاة الحاجب المنصور

قام الحاجب المنصور بغزوة في منطقة برغش بالشمال الأندلسي، وعلى إثرها أصيب بجراح بليغة أدت إلى وفاته خلال عودته، وتوفي سنة 1002 ميلادية بمدينة سالم، وبتوضيح أكثر توفي في 27 من شهر رمضان سنة 392 هجرية.

قبل أن يتوفى الحاجب المنصور ترك وصيةً بدفنه في محلّ موته أينما كان، لذا دُفت في مدينة سالم التي توفي بها، ولا زال ضريحه موجودًا، ويُعرف باسم ضريح الحاجب المنصور، وقد كان مصابًا من علّة النقرس ويُعاني منها، وترك ولدين هما عبد الرحمن وعبد الملك، وذكرى ابنه المتوفى عبد الله، وقيل بأنه ترك أربعة من الزوجات تقريبًا، و54 بيتًا من ماله في مدينة الزاهرة، ووصل عدد غزواته التي شارك فيها بنفسه حوالي 57 غزوة دون هزيمة.

بعد أن توفي الحاجب المنصور تم نقش عدة أبيات على الرخامة الموضوعة فوق قبره، وتلك الأبيات هي:

آثاره تنبيك عن أخباره
حتى كأنك بالعيان تراه
تالله لا يأتي الزمان بمثله
أبدًا ولا يحمي الثغور سواه

العصور الأندلسية

تم افتتاح الأندلس على يد طارق بن زياد وموسى النصير في عهد الوليد بن عبد الملك، ووصلت استمرارية العصر الإسلامي بها إلى ثمانية قرون، وخلال تلك المراحل والفترات مرّت الأندلس بعصور سياسية كثيرة بدءًا من عهد المسلمين كولاية تتبع الأمويين.

وأصيبت النواحي الأندلسية بالفوضى عند سقوط الخلافة الأموية حتى دخل إليها صقر قريش، وفي ذلك الحين ابتدأ عهد دولة الأمويين بالأندلس، وتعرضت خلال مرور مراحلها بمستويات قوة أحيانًا ومستويات ضعف في أحيان أخرى.

تم تقسيم البلاد ما بين ملوك الطوائف بعد ذلك، ثم تلتها سيطرة المرابطين وبعدهم الموحدين، وذلك قبل انتهاء الوجود الإسلامي بها بعد مرور أعوام طويلة صمدت بها دولة بني الأحمر في غرناطة، وخلال ذلك برزت مجموعة من مسميات الشخصيات السياسية الشهيرة التي لمعت في المعلومات التاريخية والثقافية المعرفية، ومنها الشخصية التي تضمنتها إجابة “من هو الحاجب المنصور؟”.

أسئلة شائعة عن الحاجب المنصور